الأربعاء، 19 مارس 2014
4:37 م

صفات الجن: أسرار وخفايا العالم الخفي


قال الله تعالى : " خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار فبأي آلاء ربكما تكذبان " 14 الرحمن

وقال تعالى : "ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون ، والجان خلقناه من قبل من نار السموم " الحجر 26

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :"خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار وخلق آدم مما وصف لكم

وهم كبني آدم يأكلون ويشربون ويتناسلون ، ومنهم المؤمنون ومنهم الكافرون كما أخبر تعالى عنهم في سورة الأحقاف في قوله تعالى :"وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولّوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنّا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم . يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم . ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين " (29). وقد ذكر الله سبحانه النفر من جنّ نصيبين الذين اجتمعوا حول النبيe في قوله تعالى : " قل أوحي إلى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنّا سمعنا قرءاناً عجيباً ."إلى قوله تعالى : "وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءاً غدقا لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربّه يسلكه عذاباً صعدا

وإنما سمّي الجن جناً لاستجنانهم واستتارهم عن العيون وفيه سميّ الجنين جنيناً . وقد استتروا عنا لرقَّة أجسامهم قال تعالى : " إنه يراكم هو وقبيلة من حيث لا ترونهم " قال إسحاق قال أبو روق عن عكرمة عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : "لما خلق الله سومياً أبو الجن وهو الذي خُلِق من مارج من نار . قال تبارك وتعالى له : " تمنّى " قال : "أتمنى أن نرى ولا نُرى وأن نُغيَّب في الثَّرى ، وأن يصير كهلنا شاباً فأعطي ذلك فهم يرون ولا يرون وإذا ماتوا غيّبوا في الثرى ، ولا يموت كهلهم حتى يعود شاباً

وقال أبو حذيفة إسحاق بن بشر القرشي عند عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنه قال:" خلق الله تعالى بني الجان قبل آدم بألفي سنة " ؛ وقال اسحاق حدثني جبير وعثمان باسنادهما : " وأن الله تعالى خلق الجّن وأمرهم بعمارة الأرض فكانوا يعبدون الله جلّ ثناؤه حتى طال بهم الأمد فعصوا الله عزّ وجلّ وسفكوا الدماء ، وكان فيهم ملك يقال له يوسف فقتلوه فأرسل الله تعالى جنداً من الملائكة كانوا في السماء الدنيا فنفوا الجان من الأرض وأجلوهم عنها وألحقوهم بجزائر البحر . وكل ذلك كان قبل خلق آدم

هل الجن يتناكحون ويتوالدون ؟

أولاً نريد أن نثبت ثلاث صفات موجودة فيهم وموجودة أيضاً في الإنسان ، وردت في قول الله تعالى : " ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها " ففي هذه الآية وصف لخصائص مشتركة موجودة في الإنس والجن وهي السمع والأبصار والأفئدة .أما موضوع أنهم يتناكحون لأجل الذرّية . ورد ذلك في قول الله تعالى : "أفتتخذونه وذرّيته أولياء من دوني وهم لكم عدّو بئس للظالمين بدلا " الكهف

قال القاضي عبد الجبار : الذرّية هم الأهل والولد ورقَّتهم لا تمنع من توالدهم . وفي الآية الكريمة : "فيهنّ قاصرات الطرف لم يطمثهنّ إنس قبلهم ولا جان " أي الحور العين لم يطأهنّ أحد قبل من الإنس والجن ، فثبت الوطأ للجن

الشياطين يأكلون ويشربون مع الإنس إذا لم يذكروا الله تعالى عند ابتداء طعامهم وشرابهم ؟

قال القاضي أبو يعلى : والجن يأكلون ويشربون و الدليل على أكلهم وشربهم قوله :" إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله

أما طعامهم ففي الحديث الذي رواه عبد الله ابن مسعود في الليلة التي افتقدوا فيها رسول الله ، وكان يدعوا الجن للإسلام قال الشعبي : وسألوه الزّاد وكانوا من جنِّ الجزيرة فقال : " كل عظم يذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما كان لحماً ، وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم " فقال رسول الله : " فلا تستنجوا بهما فإنهما زاد إخوانكم الجن ". حديث حسن صحيح

وقد ورد في الصحيح " أن الرجل إذا دخل منزله فلم يذكر الله عند دخوله وعند عشائه قال الشيطان لجماعته : " أدركتم المبيت والعشاء

هل يرى الواحد منّا الجنّ على حقيقته ؟

نستطيع أن نستنبط من القرءان والسنة أن الجنّ يتشكلون في صور ، وهذه الصور غير حقيقة الجنّ فالجنّ لا ترى على حقيقتها مصداقاً لقول الله تعالى : "إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم

واعتبر بعض الأئمة أن من ادّعى رؤية الجنّ ردّت شهادته منهم الشافعي رحمه الله يقول : من زعم أنه يرى الجنّ أبطلنا شهادته لقول الله تعالى في كتابه الكريم :"إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم " إلا أن يكون نبياً والله أعلم

أما الصور التي يتشكلون بها ، أو يسكنون بها فهي الحيات والكلاب كما ورد في الحديث أنهم يتجسدون في شكل حيّات وهذا ثابت في الأحاديث الصحيحة ، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بقتل الحيّات ، إلا في البيوت فتنذر ثلاث ، خشية أن تكون من الجانّ المسلم . وعن عبد الله بن عمر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلّم يخطب على المنبر يقول :" اقتلوا الحيّات واقتلوا ذا الطفتين والأبتر فإنهما يطمسان البصر ويستسقطان الحبل ". وكذلك ورد في الحديث قتل الكلب الأسود فإنه شيطان ، " لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الأسود البهم " –الأسود الخالص . وفي رواية أحمد : "عليكم بالأسود بالبهم ذي النقطتين فإنه شيطان " . وفي صور بني آدم كما أتى الشيطان قريشاً في صورة سراقة بن مالك بن جعشم لما أرادوا الخروج إلى معركة بدر . كما ورد في قوله تعالى : " وإذ زيّن لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب ". وكما روي أيضاً في السيرة النبوية الشريفة أنه تصّور في صورة شيخ نجدي لما اجتمع كفار قريش في دار الندوة للتشاور في أمر الرسول صلى الله عليه وسلّم هل يقتلونه أو يحبسونه ، أو يخرجونه ، كما قال الله تعالى :"وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

إذاً لماذا لا نراهم على حقيقتهم ؟

قال تعالى :"إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم " روى أبو الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " خلق الجنّ ثلاثة أثلاث ، فثلث كلاب وحيّات وخشاش الأرض وثلث ريح هفافّة

وفي الحديث الذي رواه جبير بن تفسير عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " الجن ثلاثة أثلاث –فثلث لهم أجنحة يطيرون في الهواء – وثلث حيّات وكلاب – وثلث يحلّون ويظعنون

ماذا يعني في اللغة بأن الجنّ ريح هفّافة . ورد في لسان العرب في مادة هفهف - الهفيف : سرعة السير ، وهفّ يهف هفيفاً ،أسرع في السير والهفاف = البرّاق ، وريح هفافة : يعني سريعة المرّ . ومن معاني هفافة أي شفّافة غير مرئية ، والعرب كانت تسمي الحيّات الكثيرة الإهتزاز بالجانّ وقد ورد في القرآن الكريم ما يشير إلى هذه الخاصية الموجودة في الجنّ �-والله اعلم بمراده - وذلك عندما ألقى موسى عصاه فانقلبت إلى حية كبيرة وهي تهتز ، قال تعالى : "فلما رآها تهتز كأنها جان ولّى مدبراً ولم يعقب " وبما أن العلم الحديث قد اكتشف أن هناك ترددات فوق صوتية لا يسمعها الإنسان وهي التي تزيد على ال30 ك هيرتز تسمعها الكلاب والقطط وغيرها

وأيضاً اكتشف العلماء أن للموجات الكهرومغناطيسية ترددات أعلى من البنفسجي ( 8 ميكرون فما فوق ) وأقل من الأحمر ، لذا فهي غير مرئية لنا وتدعى الموجات القريبة من اللون الأحمر بإسم خاص هو الأشعة (تحت الحمراء) ، أما القريبة من البنفسجي فتدعى بالأشعة فوق البنفسجية

وإذا ما ارتفع التردد أكثر من البنفسجي تصدر الأشعة السينية ، وإذا أصبح التردد أقل من الأحمر بكثير تحصل على الموجات المستخدمة في الردار والتيلفزيون والردار بجميع موجاته . فإذا كان العلم قد اكتشف تلك الطاقة الخفيّة والمؤثرة وأقرّينا بها رغم عدم رؤيتنا لها . فما المانع بأن يكون الجنّ من نوع هذه الطاقة ذات التردد العالي بحيث لا نراها ولا نسمعها - والله أعلم

وقد أشار ابن عبّاس رضي الله عنه إلى ماهية الجنّ في تفسير قول الله سبحانه : "وخلق الجان من مارج من نار " فقال المارج أنها اللهب الذي يعلو النار فيخلط بعضه ببعض أحمر وأصفر وأخضر

ورأينا أن هناك ناراً غير التي نستعملها في حياتنا اليومية وأن أصلها من النّور وأن ما نرى من صواعق وبروق هو من نار السموم التي وردت في قول الله تعالى :"والجان خلقناه من قبل من نار السموم "الحجر 27

وهي كما قال عنها ابن مسعود رضي الله عنه :" هي جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم ، وهي نار تكون بين السماء والحجاب" وقال ابن عبّاس رضي الله عنه :" أنها نار لا دخان لها والصواعق تكون منها " القرطبي 10\23

إذن فهي نار مصدرها ذاتي ، وأنها من الصواعق والبروق ، إذن هي طاقة كهربائية . إذن هناك تقارب وتشابه بين مادة الجن والطاقة الكهروغناطيسية

وخاصة أن العلماء قالوا أن طاقة كهرومغناطيسية تتولد عند اصطدام لهب النار بسطح الأشياء الصلبة ، والجن هي من نار السموم أي النار الخالصة اللهب والتي لا دخان لها . إذن فالجنّ بناء على كل هذا هي طاقة بكلّ ما تحمله لفظة طاقة من معاني


________________________________________
الأعمال التي يستطيعون القيام بها ؟

والجنّ لهم قدرات ويقومون بوظائف شاقة كما ورد في كتاب الله عزّ وجل مما كانوا يعملونه بين يدي سليمان عليه السلام

قال تعالى : "يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور

فأما المحاريب فهي المساكن العظيمة الحسنة ، وأما التماثيل الصور ، قال قتادة وكانت من نحاس وقوله تعالى : "وجفان كالجواب وقدور راسيات " والجواب جمع جابية وهو الحوض الكبير الذي يجبى فيه الماء والقدور الراسيات أي الثابتات في أماكنها لا تتحرك ولا تتحول عن أماكنها لعظمها . وكانوا يقومون بنقل الأجسام العظيمة قياساً على ما ورد في قول الله تعالى :"قال عفريت من الجنّ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنّي عليه لقويّ أمين " ، فقد عرض هذا العفريت من الجنّ بأن ينقل لسليمان عرش بلقيس من سبأ ، قبل أن يقوم من مقامه وقال ابن عبّاس يعني قبل أن تقوم من مجلسك . فقال سليمان أريد أعجل من ذلك فكان الإتيان به على يد رجل من الذين أوتوا العلم ، قيل هو آصف ابن برخيا وقيل آصف هو نفسه سيدنا الخضر عليه السلام

ولذلك ليس من المستغرب ما يقوم به بعض السحرة من الطيران في الهواء ، كما كان يفعل الساحر الشيطاني " ديفيد كوبر فيلد " وهو يعترف بأن الشياطين تحمله ، وكذلك عملية التنويم المغناطيسي وما يجري بعدها للبعض من ارتفاع عن سطح الأرض ، وكذلك أصحاب طريقة " التأمّل التجاوزي " أتباع المهاريشي وغيره ، الذين يرتفعون عن الأرض وهم يمارسون طقوسهم

ومن المعلوم أن سيدنا سليمان سخّر له جميع الجنّ مؤمنهم وكافرهم وقال : "رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب " ، وقد سخّر الله له الشياطين منهم البناء ومنهم الغواص ، قال تعالى :"والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين بالأصفاد

قال ألسدي : ومن الشياطين كل بنّاء من البناء الذي يُبنى ، وغواص يستخرجون الحلي من البحر ، وآخرين مقرنين بالأصفاد ، قال ابن عبّاس في وثاق ، وقال قتادة مقرنين في الأصفاد من السلاسل في أيديهم مصفودين مسخّرين مع سليمان

وفي الحديث الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلّم عندما اعترض عفريت صلاته ، قال :" لولا دعوة أخي سليمان لأوثقته بسارية المسجد تنظرون إليه

ومن الأعمال الهامة والفاعلة التي يستخدمها الجن في السحر هو التخييل ، فيقوم خادم السحر منهم بالتخييل للمرأة من الصور القبيحة لزوجها ما ينفرها منه فتكرهه ، وكذلك الزوج ، وهذا ما ورد في قوله تعالى في سورة البقرة آية 102 عن علم السحر : " فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه " وإنما يكون التفريق بهكذا نوع من التخييل ( ذكره ابن جرير الطبري في تفسيره

وقد ورد في القرءان ما يقرر ذلك ، وهو ما حصل بين سيدنا موسى وسحرة فرعون ، فقال تعالى عن سيدنا موسى :" فإذا حبالهم وعِصيّهم يخيِّل إليه من سحرهم أنها تسعى " طه66 ، وقال جلّ شأنه :" قال ألقوا فلمّا ألقواسحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحرٍ عظيم " (الاعراف116) ، وسحروا أعين الناس هنا أي خيَّلوا لهم ما ليس في الواقع

أما نبي الله موسى فإنه كان يملك المعجزة التي ليست من باب الشعبذة والتخييل ، ولذلك آمن السحرة عند هذه الحقيقة التي لا لبس فيها فهم أعلم بالسحر وفنونه ، قال تعالى :" وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطَل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين وألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون " (الاعراف117-120 ) ، روى ابن جرير عن قتادة قوله : لما رأى السحرة ما جاء به موسى عرفوا أنه من الله فخرّوا سجّدا ، وآمنوا عند ذلك وقالوا لفرعون بعد أن هددهم كما جاء في الآية الكريمة :" قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا " طه 72 ، قال سعيد بن جبير وعكرمة والقاسم بن أبي بردة والاوزاعي وغيرهم ، لما سجد السحرة رأوا منازلهم وقصورهم في الجنة تهيّأ لهم وتزخرف لقدومهم ولهذا لم يلتفتوا الى تهويل فرعون وتهديده ووعيده . ( البداية والنهاية جـ1/239 إذاً من اختصاص الجن التخييل في مشاهدة الأشياء ، فتُرى على غير حقيقتها ، فالسحر يقع أثره على المسحور وليس على الأشياء التي تكون باقية على أصلها وحقيقتها

فقد كان في عهد الوليد ابن عقبة ساحراً يُلبِّس على الناس الحقيقة ويسحر أعينهم ، فيقطع رأسه بالسيف أمامهم ثم يعيده الى مكانه ، فقالوا إن فلان يحيي نفسه ، فمرّ رجل من أهل الصلاح فخشي على الناس الفتنة في دينهم ، فشهر سيفه وقطع رأس هذا الساحر فمات من ساعته ، وقال له أحيي نفسك إن استطعت

وقصة أخرى حصلت في ذلك العهد حيث كان رجل يدّعي أنه يدخل من فم البعير ويخرج من دبرها ، فلما جاء رجل من أهل التقى والصلاح قرأ آية الكرسي ، فانصرف من كان معه من الجن الذين يسحرون أعين الناس ، فبانت الحقيقة وزالت الغشاوة عن أعين الناس ورأوه يدخل من بين أرجل البعير الأماميتين ، ويخرج من من بين أرجلها الخلفيتين ، وليكن معلوماً لدى كل مؤمن ، أن تلاوة القرءان وخاصة سورة البقرة وآية الكرسي ، ورفع الأذان يعطل عمل السحرة ومن معهم من الجن ( خدام السحر ) . فلا يستطيع أمثال ديفيد كوبرفيلد عندها أن يُخفي قطاراً أو تمثال كتمثال الحرية كما فعل بالناس في أمريكا ، ولا يبقى للسحرة عند ذلك إلا التخييل بالخدع السينمائية ، أو الألعاب الخفية ، وعلم السيمياء وغيره من عجائب وفنون المواد الكيميائية

ماهو السرّ الكامن وراء قدرة الجن على المس للإنسان وإحداث الصرع له أو تعطيل وظائف الأطراف وإحداث الشلل أو التشنجات الى غير ذلك من الآلام ؟ هل هناك دليل حسّي وخاصة فيما يتعلّق بتأثيرهم في أبدان الإنس ؟ هل هناك مؤشرات ودلائل من خلال معالجة مرضى الصرع والمسّ من الجنّ ما أثبت وجود تلك الطاقة الكهرومغناطيسية ؟

إن الدماغ هو أعظم الأعضاء عملاً وأعجبها تركيباً ، فيه تولّد الفكرة الخلاقة والعاطفة ، به تتجلّى الرؤية ، وهو يقوم بأجل الأعمال في الإنسان ، وإكتشف العلماء أن الدماغ لايفهم إلا لغة الكهرباء ، ثمّ أدرك العلماء أنّ السرعة المذهلة للحس ، هي من سرعة التيار الكهربائي الناقل للحس ، المهم أن العلماء أدركوا أن الكهرباء هي لغة الدماغ وبها يتفاهم مع الجسم ، وكان العلم ينتظر حتى عام 1930م ليطوّر تقنيّة الكهرباء ليثبت وجود موجات كهربائية في الدماغ البشري ، وما دام الكهرباء هي لغة الدماغ ، ولا يستجيب أو يتفاهم إلا بها فهذا يعني والله أعلم بالقصد والصواب

أن الدماغ يستجيب لأي لغة كهربية أخرى تريد أن تتخاطب معه ، ومن أي مصدر كانت هذه الكهرباء أو مولد ، فقد استطاع العلماء تحريك أطراف الحيوان بعد أن أهاج الدماغ بالكهرباء . وقد أصبح معروفاً وشائعاً في الطب أن الأطراف تستجيب للتيارات الكهربائية . فهناك الصرع الذي ينشأ باستنزاف الدماغ من أخلاطه وتراكمها في الدم . من كتاب (اعرف دماغك 20-31 ) � الدكتور ابراهيم فريد الدر

أما أبو قراط فقد أكد على وجود قوى خفيّة في الدماغ تعطِّل عمل الجسد أو تصيب صاحبها بالجنون فقال : "إن هناك وجوداً لقوى خفيّة ما تضرب سوائل الجسم فيجنّ الإنسان أو يمرض

وقد جاء في القرءان الكريم ما يدل على حقيقة وجود المسّ من الشيطان ، قال تعالى واصفاً آكلي الربا : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبَّطه الشيطان من المسّ " ، وقد جيء بصبي الى النبي e به جنون ، فأخذ بمجامع ثوبه ، وضربه على ظهره وقال مخاطباً الجن الذي فيه : " أخرج عدوّ الله فإني رسول الله

وقد رأى المعالجين بالقرءان لحالات المسّ عبر تجاربهم أمرأً عجيباً ، فبمجرّد تلاوة القرءان وخروج الجان من جسد المريض وتحديداً منطقة الدماغ حيث يسيطر على حركة الأعضاء في الجسم ، يعود العضو المصاب بالشلل أو التشنج الى العمل من جديد ومن دون علاج طبي أو عملية جراحية ، وكم من الحالات التي عولجت بتلاوة القرءان والرقيا النبوية ، كان قد حار الأطباء في تشخيصها أو مداواتها ، أو إيجاد سببٍ ظاهر يفسرها

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

0 التعليقات:

إرسال تعليق