حكم الفراعنة لمصر ثم مجيء النبي يوسف عليه السلام ثم النبي موسى ثم الفتح الإسلامي لمصر على يد الصحابي عمر بن العاص رضي الله عنه ثم تتابع الدول الإسلامية عليها من الأموية إلى العثمانية ثم الملك فاروق ثم جمال عبد الناصر والسادات
كل هذا التاريخ يبدو لي مفهوما ومتتابعا ما عدا ما حدث بعد النبي موسى عليه السلام وحتى الفتح الإسلامي فهناك فجوة كبيرة والآف السنين بين الفترتين فعندما فتح المسلمون مصر لم نسمع شيئا عن وجود أي فراعنة ، فكيف اختفت حضارة بهذه الضخامة ؟
في البدء اعتقدت أن نهاية الفراعنة كانت بغرقهم أيام النبي موسى ولكنه اعتقاد غير مقنع لأن من غرق هو الفرعون فقط (يقال بأنه الفرعون رمسيس الثاني ) وجنوده كما ذكرت الآية ... فأين اختفى بقية الفراعنة ؟ فكما علمت في وقت لاحق بأن للفراعنة أسر حاكمة تصل إلى 30 أسرة !!
وفي حال كان اعتقادي صحيحا فما الذي حدث في مصر قبل الفتح الإسلامي ، بدا الأمر لي أشبه بتاريخ مفقود .
قال لي شخص مهتم بتاريخ مصر أن الرومانيين احتلوا مصرا فلم يعد الفراعنة هم الحكام وعاشوا مع الشعب فاختلطوا وتزاوجوا بهم حتى انصهروا معهم واختفى ذكرهم .
فبحثت لأستزيد ولكل من لديه الفضول لمعرفة ( كيف اختفى الفراعنة ؟ ) أقدم لكم ما توصلت اليه .
حضارة بهذه الضخامة لم تنتهي بين يوم وليلة فلا يخفى على أحد مدى التطور والعلم الذي وصلت اليه في الطب والهندسة والزراعة والتجارة بل وحتى التجميل ، كان نشوء هذه الحضارة كالتالي :
- 250 ألف سنة ق.م :استوطن أناس بدائيين منطقة النوبة ( جنوب مصر ) حيث أنها أرض زراعية غنية بالحيوانات
- 35 ألف سنة ق.م : أصاب التصحر منطقة النوبة مما أدى الى تكون مجتمعات زراعية في مصر الوسطى ودلتا النيل كونها أراض خصبة فقامت أول حضارة مصرية في( البداري )بالصعيد تقوم على الفلاحة والصيد وتربية الطيور والمواشي وصناعة الفخار والتعدين .
- 4000 سنة ق.م : أصبحت مصر ممالك قبلية صغيرة .
- 3500 سنة ق.م : وحد ملك يدعى مينا هذه الممالك إلى مملكة أو دولة واحدة وجعل لها عاصمة وهكذا بدأ ما يسمى دولة الفراعنة .
هذه كانت النشأة وهي ضرورية لفهم ما حدث لهذه الحضارة .
وجدت نظريتان تفسر اختفاء الحضارة الفرعونية الأولى تقول أن السبب هو الغزو الخارجي والثانية أن السبب هو الضعف الداخلي الذي أصاب الأسر الحاكمة
النظرية الأولى
غزو مصر واحتلالها من قبل الحضارات الأخرى أي أن السبب خارجي .
استمر حكم الفراعنة لمصر بدون أي منغصات حتى بدأ الغزو عليها من قبل بعض الحضارات وهي كالآتي :
- الهكسوس ( 1786- 1560 ق.م ) : كان موطن الهكسوس الأساسي هو العراق والشام ولكن بسبب التغيرات المناخية في تلك المنطقة اضطر العديد منهم للهجرة إلى مناطق مختلفة ومنها دلتا النيل التي استوطنها الكثير من الهكسوس ، في تلك الفترة حدثت مشكلات داخلية في مصر فقام الهكسوس باستغلال الوضع و احتلال شمال مصر إلى أن قامت ضدهم ثورة من قبل (مصر العليا ) انتهت بطردهم وجميع القبائل الآسيوية الأخرى من مصر على يد الفرعون أحمس.
- الآشوريين ( 671-661 ق.م ) : وهم قوم سكنوا شمال العراق وكانت لهم فتوحات في العديد من المناطق منها مصر التي احتلوها حتى طردوا على يد بسماتيك الأول .
- الاخمينيون ( 525- 405 ق.م ) : وهم أسرة ملكية فارسية احتلت جميع الطرق المؤدية إلى البحر المتوسط ويبدو أنهم طُردوا من مصر لأنهم عادوا واحتلوها سنة (343-332 ق.م ) حتى جاء الإسكندر الأكبر .
- الإسكندر الأكبر اليوناني (332-305 ق.م ) : وكان قد احتل مصر نتيجة لغزواته التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا وأنشأ مدينة الإسكندرية ونصبه الكهنة فرعونا على مصر و أحبه المصريون و أعلنوا له الطاعة والولاء واعتبروه واحد منهم وظلت تحت حكمه حتى توفي ، بعد وفاته قام رجال الإسكندر باقتسام الأراضي التي احتلها وعين كل واحد منهم نفسه ملكا على الأرض التي حصل عليها وكان نصيب مصر لبطليموس احد رجال الإسكندر المخلصين وهكذا بدأ حكم البطالمة من ( 305- 30 ق.م )
ملاحظة: رغم ان الحكم ما يزال للفراعنة إلا أنهم ليسوا الفراعنة الأصليين فقد أصبح الحكم لليونانيين الذين اختلطوا بالمصريين وتعايشوا معهم دون مشاكل إلا إنها كانت بداية اختفاء الفراعنة المصريين .
- الروم (30 ق.م – 330 م ) : وهم الذين ادخلوا الديانة المسيحية إلى مصر واستمروا في حكمهم لمصر حتى الفتح الإسلامي .
ملاحظة : مع الحكم الروماني انتهى ما يسمى بالفراعنة تماما وقام الروم بإحراق الأسطول البحري ومكتبة الإسكندرية التي احتوت على العديد من المجلدات باللغة الهيروغليفية واليونانية وبما أن ديانة الروم هي المسيحية فقد أغلقوا جميع المعابد الوثنية التي كانت تعتبر مدارس تدرس فيها الهيروغليفية وتعاليم الفراعنة والنصوص القديمة وبحلول عام 450 م زال كل أثر للعلم والمعرفة الهيروغليفية .
- الفتح الإسلامي عام 639 م : دخل الإسلام مصر في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على يد الصحابي عمر بن العاص رضي الله عنه .
النظرية الثانية
نهاية الحضارة الفرعونية كانت من الداخل أي أن الفراعنة أنفسهم هم الذين دمروا حضارتهم حتى أن أصحاب هذه النظرية أنكروا حدوث أي حروب على مصر في زمن الفراعنة ..
و يقصد بالأسباب الداخلية – على سبيل المثال لا الحصر – بعضا مما يلي :
- تصرفات الحكام الفراعنة فهم قد نصبوا أنفسهم الهه أو في بعض الأحيان أبناء الله مما جعلهم يستمتعون بمنصبهم وبالسلطة التي يملكونها فطغوا وبغوا وانشغلوا بالملذات عن الحكم .
- روعة المنصب والنفوذ و انشغال الحكام أغرى الطامعين من الأسرة الحاكمة أن ينقلبوا على الفرعون لأخذ منصبه وهذا الانقلاب في بعض الحالات من أفراد الأسرة المقربون كالأم أو الأخ وأحيانا الزوجة وغيرهم .
- المشاركة في السلطة حيث يتولى الحكم شخصان أو أكثر وغالبا ما ينتهي ذلك بانقلاب أحدهم على الآخر مثل بطليموس الثالث عشر وكليوباترا السابعة والتي انتهت بمقتل بطليموس الثالث عشر .
- قيام الفرعون اخناتون عام 1375 ق.م بمنع عبادة الشمس والدعوة إلى التوحيد مما أدى إلى تفكك أجزاء كبيرة من الإمبراطورية المصرية .
أعتقد ان النظريتين صائبة فعلى مر العصور قرأنا عن دول أبيدت لتحل محلها دول أخرى كجميع الدول الإسلامية القديمة من الأموية وحتى العثمانية وغالبا ما يكون السبب هو ضعف الحكام لانشغالهم بما يتيحه لهم المنصب وطمع الأشخاص المقربين واستغلال الدول الأخرى لهذا الضعف لتقوم باحتلالها و مناهجنا في مادة التاريخ تحكي الكثير من هذا وكما يقال هذه سنة الحياة أن تقوم دول و تباد دول أخرى .
0 التعليقات:
إرسال تعليق