يقول سبحانه وتعالى: (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ) [الرعد: 12]. ويقول أيضاً: (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة: 19-20]. ويقول تعالى ذكره: (وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [الروم: 24].
البرق ما هو إلا شرارة كهربائية عملاقة يمكن أن تضرب أي هدف على الأرض، وقد يسبب خسارات بشرية واقتصادية كبيرة كل عام. فالبرق يقتل مئات الناس كل عام في مناطق مختلفة من العالم بالإضافة إلى آلاف الإصابات!
يتسبب البرق أو الصواعق البرقية بالكثير من الأضرار للمباني والتجهيزات الكهربائية. ولذلك نجد أن المباني عادة ما تُجهَّز بمانعات الصواعق، وهي وسائل لتفريغ الشحنة الكهربائية الضخمة الناتجة عن البرق. وبما أن البرق عبارة عن ضوء فإنه يسير بسرعة الضوء، أي بحدود ثلاث مئة ألف كيلو متر في الثاني الواحدة. وهذه السرعة الكبيرة يناسبها التعبير بكلمة (يخطف)، التي تشير للمباغتة والمفاجأة والسرعة.
حتى إن تأثيرات الومضات البراقة تصل إلى رواد الفضاء، فقد تبين أن رواد الفضاء يعانون من مشاكل في الرؤيا عندهم وتصبح ضبابية بعد عدد معين من رحلات الفضاء، ويعود سبب ذلك إلى تعرضهم لضوء الشمس المباشر وللإشعاعات الكونية.
وإذا علمنا بأن البرق يحتوي الضوء المرئي بالإضافة إلى الأشعة الخطيرة بأنواع متعددة، فإننا ربما ندرك السر في قوله تعالى: (يكاد) أي يقارب، فالكمية الضخمة من الإشعاعات والتي يطلقها البرق خلال زمن قصير جداً ذات تأثير كبير على البصر.
إن القرآن الكريم تحدث عن خطف البصر نتيجة التعرض لضوء البرق، وكما رأينا من خلال الحقائق العلمية كيف تتم عملية إفراغ الشحنات الكهربائية خلال زمن قصير جداً (أي أجزاء ضئيلة من الثانية)، وهذا يتناسب مع مدلول كلمة (يخطف) التي تعني الأخذ بسرعة كما ورد في التفسير.
إذن في كلمة (يَخْطَفُ) إشارة إلى سرعة البرق وسرعة أخذه للبصر، وهذا ما تم إثباته حديثاً، حيث نعلم أن سرعة هذا البرق بحدود 100 ألف كيلو متر في الثانية، وإذا حدث هذا البرق على مسافة عدة كيلو مترات في الغيوم، فإن الزمن اللازم لوصول هذا البرق إلى الشخص الذي سيصيبه هو أقل من جزء من عشرة آلاف جزء من الثانية! إن هذا الزمن المتناهي في الصغر يناسب قوله تعالى: (يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ).
إن معظم الإصابات بالبرق تنتج من تأثير الشرارة الكهربائية أو الحرارة أو الطاقة الميكانيكية المرافقة لضربة البرق. وتؤثر ضربات البرق بشكل أساسي على الجملة العصبية للجسم وعلى الرئتين وهنالك تأثيرات على البصر فقد تؤدي إصابة البرق إلى العمى الدائم. وهنالك أيضاً اضطرابات في القلب واضطرابات نفسية.
ويُنصح عند حدوث البرق بتجنب الوقوف في المرتفعات العالية وقرب الأبراج المعدنية أو قرب مصدر للمياه مثل مسبح أو بحيرة أو قرب شجرة، لأن هذه ستكون أهدافاً سهلة أمام شرارة البرق. ويمكن تجنب البرق بتركيب قضيب معدني في أعلى البناء موصول بالأرض (مانعة الصواعق) حيث تتسرب الكهرباء من خلاله إلى الأرض. كما ينصح بتفادي استعمال الهاتف الجوال أو الماء أو لمس الأشياء المعدنية. لأن هذه الأشياء تعتبر موصلاً جيداً للكهرباء وذات مقاومة منخفضة وبالتالي هي المفضلة لدى البرق ليفرغ شحنته من خلالها.
أما في حال التعرض لإصابة فيجب استشارة الطبيب لأن أعراض الإصابة وأضرارها قد تتأخر بعد ضربة البرق لعدة أيام، ولذلك ينبغي المسارعة في إجراء الفحوصات اللازمة خصوصاً إذا كانت الإصابة تتعلق بشبكية العين.
بقلم عبد الدائم الكحيل: www.kaheel7.com/ar
0 التعليقات:
إرسال تعليق