الاثنين، 17 مارس 2014
9:35 م

الإدراك الخفيّ وتأثيره على عقل الإنسان


الإدراك الخفيّ وتأثيره على عقل الإنسان

((....ذات يوم وبينما أنا جالس مع أخي نشاهد أحد أفلام الفيديو لاحظت ظهور – ولجزء من الثانية – كلمة كوكاكولا على الشاشة بسرعة خاطفة .. نقسم أنا وأخي أن الكلمة ظهرت كوميض سريع لم يستمر لأكثر من جزء طفيف جداً من الثانية. ولكننا أدركناه و تساءلنا عن كينونته، وعلى الرغم من صغر سني – وقتها – تساءلت كثيراً عن أسباب ظهور تلك الكلمات الإعلانية الخاطفة في شرائط أفلام الفيديو .. هل هي أخطاء في تركيب الفيلم؟ هل هي إعلانات تُعرض بطريقة مبتكرة؟ .. حقيقة لم أدرك وقتها ماذا تعني، حتى قرأت بحثاً شيقاً عن الإدراك الخفيّ Subliminal Perception. تركيبة عقولنا يتألف عقل الإنسان من قسمين رئيسيين .. العقل الواعي والعقل الباطن .. العقل الواعي هو العقل الذي ندرك به كل الحقائق، ونتعامل به مع الناس، وبه تُصنع خبراتنا وترجمة تصرفاتنا مع البشر، وهو عقل محدود الإمكانيات مقارنة بالعقل الباطن. أما العقل الباطن فهو موسوعة حية تسجل كل صغيرة وكبيرة في حياتنا منذ الولادة وحتى الممات، وما أعنيه بكل صغيرة وكبيرة هو كل صغيرة وكبيرة بالفعل، حتى ما لم يستطيع عقلك الواعي ترجمته. فلو نظرت مثلاً إلى ورقة مكتوبة باللغة الصينية وأنت لا تدرك اللغة الصينية، فلن تستطيع بالطبع قراءة الورقة لا بعقلك الواعي ولا الباطن، ولكن عقلك الواعي سينساها سريعاً لأنها ليست جزء من معارفه، بينما عقلك الباطن سيسجلها كنسخة مصورة قمت بالتقاطها بمكنة تصوير، فيحتفظ بها على أنها صورة وهذه الصورة يستطيع استعادتها بشكلها، بل ورسمها كما رآها بالضبط، وهو تحت تأثير عامل محفز ما .. مثل التنويم المغناطيسي مثلاً، وقد حدث هذا من قبل في حادثة تنويم (هربرت شيرمر) والزوجان (بارني) و(بيتي هيل)، حيث استعادا كل ما مر بهم من لقائهم بالأطباق الطائرة بل وقامت (بيتي هيل) برسم خريطة فلكية وهي واقعة تحت تأثير التنويم المغناطيسي. أبحاث فيكاري وجهاز 

تاتشيستوسكوب TachistoScope جهاز التاتشيستوسكوب هو جهاز يشبه جهاز العرض السينمائي يقوم بعرض بعض الصور والأصوات بسرعات فائقة للغاية تصل إلى جزء من 100 جزء من الثانية، ويتم إخضاع بعض المتطوعين لمثل هذه التجارب، فتم اكتشاف أنهم يتذكرون كل ما تم عرضه عليهم بهذه السرعات الخاطفة، مما أرسى قواعد أن العقل الباطن يتذكر كل ما يمر به ويتفاعل معه أكثر من العقل الواعي. أما (جيمس فيكاري) فهو ليس عالم فيزياء أو أحياء كما قد تتصور .. إنه مجرد خبير تسويق يقوم بالترويج لبعض المنتجات، فقرأ عن أبحاث جهاز تاتشيستوسكوب، وقام بعمل تجربة طريفة في دار العرض السينمائي. حيث قام بعرض جملة تسويقية على غرار ” هل أنت عطشان؟ .. اشرب كوكاكولا” وقام بعرضها بسرعة فائق للغاية (1/300 من الثانية) بصورة لا يستطيع العقل الواعي إدراكها، وبالتالي لم يلاحظها المشاهدون أو يشعروا بأي مشكلة في عرض الفيلم ولكنها تسقط في العقل الباطن للإنسان، ويتصرف على أساسها. وخلال دراسته إلى أحد دور العرض السينمائي لمدة أكثر من 6 أسابيع – قبل وبعد – لاحظ أن المشاهدين قد زاد معدل استهلاكهم للكوكاكولا عما كان قبل. بدأ (فيكاري) الترويج لهذا النظام الجديد من الإعلان وأسماه الإعلان الخفي Subliminal Advertisement وبدأ يروج له في الكثير من الشركات. لم يكد الأمر ينتشر ويشتهر وتكتب عنه الصحف، حتى ثار الكونجرس على هذا النظام من الإعلانات ودعى التشريع إلى حماية الشعب الأمريكي من سوء استغلال قدرات عقله رغماً عنه. أما أعجب ما حدث، فهو ظهور (فيكاري) في أحد البرامج المهمة المتابعة من قبل الشعب الأمريكي، يتحدث فيه عن ابتكاره .. كان شاحب الوجه خائفاً، وكان يتحدث عن اكتشافه – الإعلان الخفي – بأنه ليس له ذلك التأثير القوي على عقول الناس وأن نتائج دراساته كان مبالغ فيها .. وبعدها اختفى (فيكاري) تماماً ولم يُعثر له على أي أثر حتى الآن .. كان ذلك في ستينات القرن المنصرم. خطورة الإدراك الخفي لا تتمثل في إقناعك بشراء منتج ما، أو مثلاً علاجك نفسياً من مرض ما، ولكن أيضاً في دفعك إلى فعل شيء ما، أو السيطرة على سلوكك عن طريق بث بعض الأفكار إلى ذهنك بدون أن تشعر، والعقل الباطن يلتقط ويترجم ويتفاعل ويأخذ رد الفعل، وأنت بعقلك الواعي ربما في بعض الأحيان لاتدري لماذا تتخذ هذا الفعل. كان هناك شاب عبقري – هو غلام في الواقع إذ كان سنه في تلك المرحلة 14 عام فقط – استطاع أن يخترع جهاز بدائي التكوين من أدوات المطبخ، يمكنه عن طريقه وضع مجسات على الرأس وعن طريقه يمكنك الاستماع إلى الأصوات عن طريق المخ مباشرة بدون مرورها على الأذن . وسمى هذا الجهاز نيوروفون Neorophone… وتتمثل أهمية هذا الجهاز في الترددات الصوتية التي يطلقها مباشرة إلى المخ – والتي قد لا نسمعها بآذاننا المجردة – والتي يمكن عن طريقها الصم من الاستماع إلى الأصوات. وبعد 12 سنة من الجهد والتطوير استطاع العبقري الشاب (باتريك فلاناجان) بتطوير جهازه حتى تمكن من أخذ براءة اختراع عنه، وذلك حينما جربه على أحد الصم فتمكن من سماع الصوت مباشرة عن طريق المخ. وبعد أن قام بتسجيله، قامت وكالة المخابرات العسكرية في أمريكا – كالمعتاد – بمصادرة الجهاز وحظر استخدامه وانتشاره واعتباره أحد الأسرار العسكرية التي تتعلق بأمن الدولة. وبالتالي اختفي كذلك (باتريك فلاناجان) كما اختفى قرينه من قبل (جيمس فيكاري)، بل وتجاوز الأمر ذلك إذ تم مصادرة كل اختراعاته ودراستها بشكل متعمق لمعرفة مدى الاستفادة العسكرية التي من الممكن أن تؤدي إليه. النيوروفون والأقمار الصناعية الآن وبكل بساطة يمكن تركيب جهاز النيوروفون في أحد الأقمار الصناعية وتتبع شخص ما في مكان ما من العالم وبث بعض الأفكار المعينة إلى عقلة مباشرة دون المرور بالأذنين والعصب السمعي، وتلقينه رسائل محددة لفعل شيء معين، وتسجيل أفكار معينة في عقلة الباطن وذلك نتيجة البرمجة الغير محسوسة. كما ترى فالأمر حينما يدخل نطاق الأبحاث العسكرية تعرف أنه قد ينتقل بصورة أو بأخرى إلى تنفيذ غير آدمي وانتهاك للقوانين، ولنا في تاريخ الحرب العالمية الثانية عبرة وعظة.))

وهذه بعض الصور لما سبق ذكره: 
جهاز نيوروفون Neorophone في الصورة الاولى
تاتشيستوسكوبTachistoScope في الصورة الثانية.


0 التعليقات:

إرسال تعليق