الثلاثاء، 27 مايو 2014
8:55 م

القردة والأخلاق

بحث جديد يظهر أن كثير من الحيوانات ومنها القردة، لها أخلاق بالفطرة، وتستطيع التمييز بين الخير والشر وتقيم العدل، وتشبه بذلك المجتمعات الإنسانية، لنقرأ هذه الإشارات القرآنية الرائعة........

طالما نظر الإنسان إلى غيره من المخلوقات على أنها لا تعقل ولا تميز الخير من الشر وليس لديها عدل أو ظلم أو صدق أو كذب. ولكن القرآن وفي إشارة رائعة يبين لنا أن هذه المخلوقات هي مجتمعات مثلنا، يقول تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) [الأنعام: 38]. إن هذه الآية نزلت قبل أربعة عشر قرناً في زمن لم يكن أحد على وجه الأرض يتخيل أن الحيوانات والحشرات والطيور هي مجتمعات منظمة تشبه البشر، بل كانت الأساطير منتشرة حول هذه الكائنات.
وسبحان الله! تأتي الدراسات العلمية دائماً لتثبت صدق كلام الله وتؤكد أن كل كلمة في القرآن هي الحق من عند الله تعالى، ولتكون مثل هذه الدراسات برهاناً مادياً على صدق رسالة الإسلام وأن النبي صلى الله عليه وسلم  لم يأت بشيء من تلقاء نفسه، بل هو نبي مرسل. وإليكم هذا البحث العلمي الجديد الذي نبهني إليه أحد الإخوة جزاهم الله خيراً.
ففي دراسة جديدة يؤكد العلماء أن القرود تميز بين الخير والشر ولديها أخلاق بالفطرة! ففي سلسلة من الدراسات العلمية تبيَّن للعلماء أن أمَّة القردة تقوم بمحاكمات لأفرادها من أجل إقامة العدل! بل إنها تضحّي بأنفسها من أجل الغير وتساعد غيرها في المواقف الصعبة. كما أنها تتميز بنوع من الذاكرة تجعلها تؤدي التزاماتها تجاه الآخرين.
يظهر البحث الجديد أن الأخلاق ليست صفة إنسانية بل موجودة في عالم الحيوانات بشكل واضح! ويؤكدون أن جينات المخلوقات مصممة لترشد هذه الكائنات الحية نحو الطريق الصحيح. وهنا تتجلى إشارة قرآنية في قول الحق عز وجل: (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [هود: 56]، فالله تعالى أودع في كل مخلوق برنامجاً محكماً يهديه إلى طريقه وإلى حياته الصحيحة لتبقى الحياة مستمرة، يقول تعالى: (الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)[طه: 50].
ويقول البروفسور Frans de Waal أستاذ علم النفس في جامعة جورجيا في الولايات المتحدة الأمريكية: هناك دليل واضح جداً يثبت أن الأخلاق صفة تتمتع بها العديد من الحيوانات والتي تتميز بقوانين اجتماعية مثل البشر. وهنا نتساءل: أليس هذا ما أكده القرآن في قوله تعالى عن هذه الحيوانات: (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ)؟
لقد تم عرض هذا البحث في المؤتمر السنوي للجمعية الأمريكية للعلوم المتقدمة AAAS حيث وصف البروفسور Waal نتائج تجاربه على القرود والتي أظهرت شعوراً صارماً بالعدل أو الظلم، فقد طلب من مجموعة من القرود القيام بنفس العمل ولكنه أعطى مكافآت مختلفة لكل منها، حيث قدم كمية من الطعام أقل أو أكثر، وقد أظهرت القردة التي قُدم لها طعام أقل، أظهرت نوعاً من التذمر واعترضت بشدة على ظلمها وعدم إنصافها.
وعلى الرغم من ذلك فقد أظهرت القردة التي قُدّم لها الطعام شيئاً من التعاطف مع بقية القردة وأعطتها كمية من طعامها، أي آثرتها على نفسها، كما يعبر العلماء بكلمة altruism أي الإيثار. بل إنها تستمتع بالعطاء عندما تقدم الطعام لغيرها، وهذه صفة قريبة جداً من صفات بعض البشر كما يؤكد البروفسور Waal في دراسته. ويقول: إن القردة تفضل وبشكل طبيعي أن يتم تقديم الطعام والمكافآت بالتساوي ولا تحب أكل طعام غيرها!!
وقد أظهرت أبحاث أخرى أن القرود تتذكر جيداً كل من يساعدها فتكافئه ولو بعد حين!  كما أظهرت أبحاث أخرى أن القرود تستطيع التمييز بين الصدق والكذب ويمكن أن تكذب أو تكون صادقة تماماً مثل البشر. ولكن – كما تقول الدراسة - بعض المتعصبين دينياً في الغرب (من غير المسلمين) يعارضون مثل هذه النتائج لاعتقادهم أن صفات مثل الصدق والكذب والعدل خاصة بالبشر فقط.
وإذا كانت القردة تحب العطاء بل تحب لغيرها ما تحب لنفسها، أليس الأجدر بنا نحن المؤمنين أن نحب لغيرنا ما نحبه لأنفسنا؟ إذاً لنقرأ حديث النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وأخيراً أودّ أن أستفيد معكم من هذه الدراسة لنتذكر قول الله تعالى عن المؤمنين: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر: 9]. فإذا كانت القرود تؤثر الآخرين على نفسها فكيف بنا نحن البشر؟!
بقلم عبد الدائم الكحيل:      www.kaheel7.com/ar

المراجع

Monkeys have a sense of morality, February 15, 2009.
http://www.timesonline.co.uk/tol/news/environment/article5733638.ece

0 التعليقات:

إرسال تعليق