يعتبر الكمبيوتر من أهم الاختراعات في العصر الحديث، وقد كان للمسلمين فضل كبير على الحضارة الغربية في وضع الأساس العلمي لهذا الجهاز. وتخبرنا المخطوطات بأن العالم الكبير أبي عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي هو أول من وضع أساساً علمياً لما يسميه العلماء اليوم بالخوارزميات. والخوارزميات هي مجموعة الأسس التي يقوم عليها نظام عمل الكمبيوتر الحديث.
ولا يمكن أن نتخيل عصرنا من دون التكنولوجيا الرقمية التي أصبحت أهم ما يميز القرن الحادي والعشرين. فالحاسبات الرقمية والاتصالات الرقمية والمراكب الفضائية والأقمار الاصطناعية، ووسائل النقل الحديث جميعها تعتمد في عملها على مبدأ واحد. ولولا التكنولوجيا الرقمية لم يكن من الممكن لكثير من الاكتشافات في علم الفلك والفيزياء والذرة والطيران وغيرها من العلوم أن تتطور كما هي عليه اليوم.
لقد ساهم المسلمون في وضع الأسس العلمية للرياضيات الحديثة، فالأرقام العربية ونظام العد العشري والصفر وعلم الجبر وغير ذلك من علوم الرياضيات هي من إبداع علماء مسلمين عاشوا بين القرنين التاسع والرابع عشر للميلاد، ثم أخذ الغرب عنهم هذه العلوم واعتمدوا عليها كأساس في نهضتهم العلمية في العصر الحديث.
لقد وضع العالم المسلم أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي قواعد الحاسب الآلي، حتى سمّي بأبي الحاسب، ووضع الكثير من قواعد الرياضيات والتي دُرِّست في جامعات الغرب لقرون طويلة، واعتمد عليها علماء الغرب في وضع نظرياتهم واكتشافاتهم في مجال الرياضيات. وقد لقَّبه علماء الغرب بأبي الجبر الحديث.
يعترف الغرب اليوم أن عبقرية الخوارزمي ساهمت في دفع الحضارة الغربية بشكل سريع جداً، ولولا اكتشافاته لكانت النهضة العلمية في أوربا قد تأخرت كثيراً. يقول الدكتور خواكين كوستا: إننا ندرك أن وصول الإسلام إلى أوروبا قد أحدث تغييرا كبيرا، وتبدو مظاهر ذلك التغيير بشكل واضح من خلال المنظور التاريخي. ولعل ما حمله التسامح الإسلامي باتجاه تشكيل روح أكثر عالمية، ساهمت في إخراج أوروبا من انغلاق ذهني وجهالة متشددة. بل أكثر من ذلك، فقد ربط الإسلام أوروبا بالمسارات التي كانت تروج فيها الأفكار والإنجازات المعرفية. فلولا وصول الإسلام إلى الأندلس لم يكن لنا أن نكتشف أمريكا، ولم يكن لنا أن نصل إلى القمر!! كذلك فإن التطور القوي في الرياضيات والذي بدأ مع دخول الأرقام العربية والحساب بالنظام العشري وعلم الجبر كلها وضعت الأسس لغزو الفضاء.
وينبغي ألا ننسى فضل القرآن الكريم على علمائنا المسلمين، فكتاب الجبر والمقابلة للإمام محمد بن موسى الخوارزمي وهو أول كتاب في الحساب يُترجم إلى اللاتينية، وأول كتاب يضع أساساً علمياً لنظام عمل الحاسبات الرقمية الحديثة، هذا الكتاب كما يقول مؤلفه كان سبب تأليفه هو تعاليم الإرث الواردة في القرآن الكريم. ومن هنا ندرك أن الإسلام أنار العقول وفتح آفاقاً جديدة أمام المسلمين، يقول تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [العلق: 1-5].
والخلاصة أن القرآن أطلق الشرارة الأولى التي أنارت العقول وفتحت الآفاق أمام الباحثين من خلال حض القرآن على العلم والتعلم وكشف أسرار الكون، وعندما أخذ المؤمنون الأوائل بالقرآن وعملوا بما فيه فتحوا الدنيا وسيطروا على العالم، ولكن سيطرتهم كانت رحيمة بعكس سيطرة الغرب اليوم!
ولكن عندما تركنا هذا القرآن وتمسكنا بما سواه وغرتنا الحضارة الغربية جاء بعض الضالين ليدلّسوا على الناس ويقولوا إن سبب تخلف الأمة الإسلامية هو الدين ولابد من التخلي عن الدين حتى نلحق بالحضارة الغربية التي قامت على الإلحاد! ولكن يبقى السؤال: هل الإلحاد هذا سينجب عالماً مثل الخوارزمي؟؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق